كتاب مطالب كانطية ، في المعرفة والأخلاق والتربية د زهير الخويلدي

تقديم كتاب مطالب كانطية ، في المعرفة والأخلاق والتربية

د زهير الخويلدي

كم نحتاج من عمانويل كانط لكي نطلب من الناس الإبحار نحو الأعالي وتلبية نداء الأقاصي والإعجاب بالسماء المرصعة بالنجوم والاحتكام إلى الضمير الحي في القلوب وسماع نداء الواجب الأخلاقي والتشجع على استعمال العقل والتنحي عن الوصاية ومغادرة التبعية ومغايرة الامتثال والتقليد وهجرة حياة القطيع. لقد طلب كانط من كل إنسان أن يكون إنسانا وأن ينتصر لحريته كلما تم انتهاكها ويقدر كرامته إلى أقصى حد وأن ينتصر للحق ضد القوة وللحوار ضد النزاع والسلم ضد الحرب ونادى بالعودة إلى اللغة العقلانية والحكمة العملية والحكم المشروع وجعل من ملكة الحكم تجربة استيطيقية لتهذيب الذوق والإرادة الطيبة. لقد تجولت "مطالب كانطية" في عالم المعرفة بحثا عن شرط إمكان التجربة وتنزلت ضمن عالم الأخلاق توقا للحرية الإنسانية في بحر من الاكراهات الاجتماعية والضرورات الطبيعية واندرجت ضمن عالم التربية التزاما بالمبادئ واحتراما للقيم ومشيدة للطرق البيداغوجية للتعليم والنقد والاستقلالية الذاتية. لقد كان كانط فيلسوف النقد وباعث التنوير ومشرع الحكم العاقل وناحت الثقافة الراقية والفن كغائية دون غاية ومشيد أخلاق الواجب وسياسة الحق والشرعية وسيظل مرشد نحو مسالك الترقي والتطور ومحفز للخروج من أسوار التعصب والوثوقية وصحاري العدمية نحو واحات التسامح والتفاهم والمدنية الخيرة. لقد أهدى المؤلف كتابه الى كل الطيبين في هذا العالم المضطرب: لا يوجد شيء يمكن اعتباره جيدًا باستثناء النية الحسنة. وكان مطلبه الأساسي أن يفكر كل أمرئ بنفسه والا يعول على غيره وان يتوجه نحو الفكر المحض وأن يتحلى بالحكم والفضيلة لكي يعرف ماذا يفعل ويقيم في العالم ويعود الى بيته مطمئنا واثقا من أفعاله الحسنة. لقد تضمن الفصل الأول الجواب الكانطي عن سؤال ما الأنوار؟ وتطرق في الفصل الثاني عن مشروع السلام العالمي بين الجول والشعوب وبحث في الفصل الثالث عن العلاقة بين النظرية والتطبيق وفي الفصل الرابع توقف عن التناقض بين واجب الصدق في القول والحق في الكذب وبعد ذلك تطرق في الفصل الخامس الى عملية التوجه نحو الفكر وفي الفصل السادس تناول قيمة العمل الخيري وفي الفصل السابع اهتم بالنظر والعمل وفي الفصل الثامن كان التركيز على قضايا التربية والتعليم وأصول فن التدريس وفي الفصل التاسع بحث في مبادئ التيولوجيا الطبيعية والأخلاق وفي الفصل العاشر كانت له جولة مع فكرة التاريخ الكوني وفي الفصل الحادي عشر توقف عن الفن والاستيطيقا محاولا التمييز بين الجميل والجليل وفي الفصل الأخير الثاني عشر مسك الختام أثار مشكلة الحق الطبيعي والحق الوضعي ومهد بالتالي لقيام فلسفة الحق. ما أحوجنا الى عمانويل كانط فيلسوف النقد التربية والأخلاق والفن والثقافة والتنوير من اجل نقد عالم التفاهة والسمو بالإنسانية نحو المثالية المتعالية.

تونس 20 أوت 2023